قطاع الطيران السعودي يدخل حقبة جديدة

مع خروج العالم من ظلال جائحة كوفيد-19، بدأت المملكة العربية السعودية تجني ثمار جهودها في تحويل اقتصادها من الاعتماد على النفط من خلال زيادة تركيزها على قطاع السفر والسياحة.
يشهد قطاع الطيران في المملكة نمواً سريعاً و يقول الكثيرون إنه ليس فقط بسبب الاستثمارات الكبيرة في شركات الطيران ولكنه نتيجة لعملية التحول الاقتصادي والاجتماعي المستمرة التي بدأت مع إطلاق رؤية 2030 في عام 2016.
أحد الإجراءات المتخذة لتعزيز القطاع يشمل إطلاق خدمة التأشيرة الإلكترونية في عام 2019 لضمان سهولة الوصول لملايين السياح المحتملين الذين يرغبون في استكشاف الفن والثقافة والمأكولات العربية وعجائب الآثار والجمال الطبيعي لشبه الجزيرة العربية.
وقال محمد الخريسي، النائب التنفيذي للاستراتيجية والاستخبارات التجارية في الهيئة العامة للطيران المدني: “أصبح عام 2023 سنة تتجاوز فيها صناعة الطيران في السعودية حالة الانتعاش المعتادة وتدخل في عصر يضم إنجازات ومراحل هائلة غير مسبوقة”.
خلال النصف الأول من 2023، شهدت حركة الطيران في المملكة نمواً كبيراً ويعكس ذلك تحولاً واضحاً من فترة الانتعاش إلى نمو مستدام ومتصاعد في القطاع.
يعكس القطاع السريع التطور للطيران في المملكة طموحاتها في أن تصبح وجهة سفر عالمية تنافس نظرائها في مجلس التعاون الخليجي، كما أنها تضع بصمتها كمركز نشط للأعمال ومركز للثقافة والسياحة الذي يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
قال جورجيو كافييرو، محلل لـ Gulf State Analytics: “تركز المملكة العربية السعودية على رؤية 2030 والتي تعتبر خطة طموحة لتنويع الاقتصاد البلاد”.
كافييرو أضاف: “بين الأعمدة الرئيسية لرؤية 2030 السعودية تتضمن السياحة والتجارة غير النفطية والخدمات اللوجستية والنقل”.
وقال: “في هذا السياق، تحاول السعودية جلب العديد من السياح من جميع أنحاء العالم إلى البلاد ، بينما تسعى أيضاً لجعل مطار الملك سلمان الدولي، الذي من المفترض أن يكتمل بحلول عام 2030 مركزاً رئيسياً يستطيع منافسة مطارات الإمارات وقطر الناجحة وحتى تفوقها. السعودية لديها الموارد والإرادة لجعل هذا المطار في الرياض ناجحاً بشكل كبير. إذا نجح السعوديون في هذا الجانب، فإن صناعة السياحة في المملكة ستحقق العديد من الفوائد”.
وقال الخريسي إن المملكة متصلة بشكل أفضل من أي وقت مضى، حيث بلغ إجمالي عدد الوجهات المتصلة بالبلاد 127 وهو أكثر من 50 في المئة من الهدف المحدد في استراتيجية قطاع الطيران السعودي لعام 2030.
وأضاف الخريسي: “تتضمن استراتيجية قطاع الطيران السعودي الفرص الغير مسبوقة لقطاع الطيران العالمي، حيث سيتم تضاعف أعداد المسافرين إلى 330 مليوناً، وتمديد الاتصالات بأكثر من 250 وجهة، وزيادة طاقة الشحن الجوي إلى أكثر من 4.5 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030”.
وأضاف الخريسي: “تعكس أهداف استراتيجية قطاع الطيران السعودي حجم الاستثمارات والنمو الذي يحدث في القطاع في الوقت الحاضر”.

قال المسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني: “هذا العام رأينا بالفعل استراتيجية قطاع الطيران السعودي تحقق نتائج حقيقية للمملكة، بما في ذلك صعود السعودية 14 مركزاً في منفذ الاتصالات الجوية الدولية لعام 2023 لمنظمة النقل الجوي الدولية (أعلى زيادة في تصنيف أي سوق طيران)، وإطلاق شركة طيران وطنية جديدة “الرياض للطيران”، وإصدار ترخيص جديد لشركة طيران توجد في الدمام”.
لتسهيل السفر والوصول إلى المملكة بسهولة، أعلنت الحكومة في هذا العام عن إطلاق تأشيرة “توقف مجانية 96 ساعة” وخدمات لتسهيل الحصول على تأشيرة السياحة الإلكترونية لحاملي تأشيرة المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن المقيمين الدائمين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأي دولة في الاتحاد الأوروبي عبر بوابة إلكترونية بسيطة.
قال علي الشهابي، محلل وكاتب سعودي: “الطيران هو سائق النمو كما أظهر لنا دبي. كلما زدت اتصالات الطيران، زاد الحركة والسياحة والأعمال”.
يمكن أن يتم قياس الطفرة في القطاع من خلال حقيقة أن شركة الطيران متعددة الجنسيات “ويز إير” كانت تعمل حتى شهر مارس على 17 خطاً في المملكة وأضافت 9 وجهات جديدة في أبريل.
يخطط الناقل الوطني للبلاد، السعودية، لإطلاق 25 وجهة جديدة في عام 2023. وفقاً للبيانات الرسمية، استقبلت الشركة 14 مليون ضيف، بمتوسط 76،000 راكب يومياً.
وقال الكابتن إبراهيم كوشي، الرئيس التنفيذي للسعودية: “خلال النصف الأول من عام 2023، قدمت السعودية دوراً حاسماً في دعم قطاعي السياحة والأعمال والحج والعمرة من خلال الشراكات الاستراتيجية”.
أعلنت المملكة أيضاً عن خططها لاستبدال أحد أكثر مطاراتها ازدحاماً وهو مطار الملك خالد الدولي في الرياض، الذي يتسع لحوالي 25 مليون مسافر سنوياً، بمطار الملك سلمان الدولي. وهذا يعني أن العاصمة السعودية ستكون قادرة على استقبال 120 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن يكون المطار الجديد من بين أكبر المطارات في العالم، وبينما يكون أصغر حجماً من مطار الملك فهد الدولي في الدمام، من المتوقع أن يضيف ما يصل إلى 7.18 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة. إنه يسعى للتنافس مع أفضل مطارات مجلس التعاون الخليجي.
في مارس، أعلنت السعودية عن إطلاق شركتها الجوية الوطنية الثانية “الرياض للطيران”، التابعة لصندوق الاستثمار العام ومن المتوقع أن تضيف 20 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي وتوفر أكثر من 200،000 وظيفة. هدفها هو خدمة أكثر من 100 وجهة بحلول عام 2030 وربط عاصمة المملكة بالمدن الدولية الرئيسية.
تأتي التوسعات الأخرى لقطاع الطيران السعودي مع افتتاح مطار البحر الأحمر الدولي الذي يعمل بالطاقة الشمسية في حنك في منطقة تبوك. يعد جزءاً من مشروع البحر الأحمر العالمي، المشروع السياحي الفخم والمستدام المملوك بالكامل لصندوق الاستثمار العام، ومن المقرر افتتاحه في الربع الرابع من هذا العام وبداية تشغيل الرحلات الداخلية واستئناف الرحلات الدولية في عام 2024.
وقال عمرو خاشقجي، اقتصادي ورئيس مجلس إدارة Amkest Group: “أصبحت السعودية الآن وجهة سفر عالمية لأسباب عديدة”.