
في عالم التمويل سريع الخطى غالباً ما تلقي جاذبية المكاسب السريعة والتداول السريع بظلالها على المبادئ الأساسية لبناء ثروة مستدامة طويلة الأجل في سوق الأوراق المالية، في حين أن اتجاهات السوق والمؤشرات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي أمر حيوي، فإن أحد العوامل التي غالباً ما تمر دون أن يلاحظها أحد ولكنه يحمل مفتاح النجاح المالي هو سلوك المستثمر.
في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يعد سوق الأسهم وسيلة مهمة للاستثمار، يمكن أن يكون فهم سلوك المستثمرين وإتقانه هو الفرق بين المكاسب العابرة والازدهار الدائم.
تجذب دولة الإمارات العربية المتحدة باقتصادها القوي وقطاعها المالي المزدهر آلاف المستثمرين الذين يسعون إلى الاستفادة من الفرص التي يوفرها سوق الأسهم، وبالتالي فإن نشوة الأرباح المحتملة يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات متهورة وسلوك غير عقلاني. يعد التأكيد على سلوك المستثمرين أمراً ضرورياً لتطوير ثقافة الاستثمار المدروس والمنضبط والمستنير.
المبدأ الأول لبناء ثروة طويلة الأجل في سوق الأوراق المالية هو تنمية عقلية صبورة وطويلة الأجل، يميل العديد من المستثمرين إلى مطاردة المكاسب قصيرة الأجل وشراء وبيع الأسهم باستمرار، مدفوعين بتقلبات السوق والضجيج الإعلامي.
وفقاً لتقرير عام 2020 الصادر عن شركة Dalbar، وهي شركة خدمات مالية، حصل مستثمر الأسهم النموذجي على 5.35 في المائة أقل من عائد S&P 500 في عام 2019.
وعلى الرغم من أن مستثمر الدخل الثابت حقق “أفضل مكسب سنوي له منذ عام 2012” بنسبة 4.62 في المائة، إلا أنه لا يزال أقل من عائد المؤشر القياسي البالغ 8.72 في المائة.

غالباً ما يؤدي النهج قصير الأجل إلى تكاليف معاملات كبيرة ويعرض المستثمرين لمخاطر غير ضرورية، وبدلاً من ذلك يمكن أن يؤدي التركيز على الاستثمار طويل الأجل إلى إدارة أفضل للمخاطر ونمو ثابت. علاقة المستثمر بالمخاطر هي جانب حاسم من سلوكه في حين أنه من الضروري تقييم تحمل المخاطر فإن تبني المخاطر مهم بنفس القدر لجني ثمار طويلة الأجل.
أظهر تاريخ سوق الأسهم أن فترات عدم اليقين في السوق تفسح المجال في النهاية للنمو والازدهار، و إن فهم الطبيعة الدورية للسوق والبقاء ملتزماً بمحفظة متنوعة بشكل جيد يمكن أن يساعد المستثمرين على التغلب على العواصف قصيرة الأجل والخروج أقوى.
تمكن محو الأمية المالية المستثمرين من اتخاذ قرارات مستنيرة وتحديد الاستثمارات الجيدة. ولسوء الحظ، قد يفتقر العديد من المستثمرين في الإمارات العربية المتحدة إلى التعليم المالي الكافي، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات متهورة والتعرض للمضاربة في السوق.
وجد تقرير للبنك الدولي عام 2015 أن 35 في المائة فقط من البالغين في الإمارات يمتلكون المعرفة المالية الأساسية، وغالباً ما تؤدي هذه الفجوة المعرفية إلى اتخاذ قرارات متسرعة تقوض إمكانية خلق الثروة على المدى الطويل، ويمكن للمبادرات الرامية إلى تعزيز محو الأمية المالية سواء في المدارس أو داخل المجتمع المحلي أن تسهم في تكوين قاعدة مستثمرين أكثر استنارة، ربما يكون التحكم في العواطف أثناء تقلبات السوق هو الجانب الأكثر تحدياً في سلوك المستثمرين.