البريكس وآفاق التعاون مع جمهورية مصر
ووفقاً لأرقام منظمة التجارة العالمية، ستشكل اقتصادات دول البريكس ما يقرب من 26 تريليون دولار من الناتج العالمي في عام 2022، وتسيطر على حوالي 17% من التجارة العالمية وتمثل 27% من مساحة سطح الكوكب.
استضافت جوهانسبرج جنوب أفريقيا مؤخراً القمة الخامسة عشرة لدول البريكس، وفي ختام القمة، تم الإعلان عن انضمام ست دول جديدة إلى مجموعة البريكس، التي تتكون من جنوب أفريقيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران ومصر وإثيوبيا بالإضافة إلى الهند والبرازيل وروسيا والصين ويأمل قادة البريكس في تحقيق التوازن في العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي.
ولم تتمكن سوى ست دول فقط من الانضمام رسميا إلى مجموعة البريكس، على أن تدخل العضوية حيز التنفيذ في بداية العام المقبل، على الرغم من أن أكثر من 40 دولة أبدت اهتماماً بالقيام بذلك، وأن ما يقرب من 24 دولة قدمت طلبات رسمية للقيام بذلك.
ووفقاً لمؤشرات التنمية العالمية للبنك الدولي، نجحت كتلة البريكس في تحقيق نمو اقتصادي كبير خلال السنوات العشرين الماضية، حيث ارتفعت حصة اقتصاداتها في الناتج العالمي من 17.8% إلى 25.7% بين عامي 2010 و2022.
وفيما يتعلق بمشاركتها على المسرح العالمي، تقوم دول كتلة البريكس بتمويل مبادرات دولية طموحة مثل “مبادرة الحزام والطريق” الصينية وإنشاء 100 مدينة ذكية متصلة بالقطارات السريعة في الهند، بالإضافة إلى ذلك، تريد روسيا إنشاء رابط اقتصادي جديد بين أوروبا وآسيا مع الشرق الأقصى الروسي. وتتطلع دول البريكس إلى استخدام عملاتها في التبادل التجاري أو البدء في استخدام عملة مختلفة وموحدة لأعضاء الكتلة في محاولة لإيجاد بدائل للنظام التجاري القائم على الدولار.
ونظراً لنموها السريع، ستشكل الكتلة بحلول العام التالي ما يقرب من 43% من إنتاج النفط العالمي، وما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 45% من سكان العالم، وهذا يضع الكتلة في وضع قوي للتأثير على السياسة العالمية في السنوات القادمة.
ما هي آفاق التعاون بين مجموعة البريكس و جمهورية مصر
لا شك أن عضوية مصر في مجموعة البريكس تفتح آفاقاً واعدة للتعاون مع اقتصاديات أعضائها وتزيد فرص التبادل التجاري وتعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتساعد على جذب المزيد من الاستثمارات إلى الاقتصاد التنافسي، وتمثل دول البريكس أيضاً مصدراً مهماً لتدفقات الاستثمار الأجنبي، مما يفتح المزيد من الخيارات أمام الشركات ورؤوس الأموال المصرية.
تعد عضوية مصر في مجموعة البريكس علامة على نجاح جهودها الدبلوماسية لتعزيز رؤيتها لتوسيع وتنويع الاقتصاد العالمي لدعم التنمية المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يؤكد من جديد إيمان دول الكتلة بأن مصر ستضيف بشكل كبير إلى الجودة على جميع المستويات.
ومن شأن التعاون مع دول البريكس أن يعزز مكانة مصر في التنمية الاقتصادية والاستقرار الإقليمي والعالمي نظراً لأن اقتصادها يعد من القوى المهيمنة في المنطقة.
وفي حين تأمل مصر في تنويع علاقاتها الدولية من خلال الانضمام إلى كتلة البريكس بما يساعد الاقتصاد الوطني الطموح، فإن هذا لا يعني أنها لن تتجه نحو كتلة مقابل أخرى، فهي حريصة دائماً على تنويع العلاقات مع دول العالم، الغرب ومع المجموعات الدولية الأخرى على كافة المستويات وخاصة في المجال الاقتصادي، ولذلك فإن تنويع وتعزيز الشراكات الاقتصادية الشاملة يعد ركيزة أساسية لخطط النمو الاقتصادي المصري.
وكجزء من خطط أكبر لمضاعفة حجم إنتاجها بحلول عام 2030، توقع مصر أحياناً اتفاقيات شراكة ثنائية مع عدد من الدول بالإضافة إلى الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية، ويعد تنويع الشراكات وتعزيز التعاون مع كافة الدول إحدى آليات تحقيق هذا الهدف.
ومن خلال الانضمام إلى المجموعة، ستستفيد مصر أيضاً من توسيع دورها على الساحة العالمية من خلال متابعة عدد من الأهداف.
أولاً وقبل كل شيء، السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع الدول غير الأعضاء في مجموعة البريكس وتعزيز الأمن والسلام العالميين من أجل النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والتعهد بإصلاح المؤسسات المالية الدولية حتى يكون للاقتصادات الناشئة والنامية قوة أقوى، إلى جانب التعاون مع المجتمع العالمي للحفاظ على استقرار الأنظمة التجارية المتعددة الأطراف وتعزيز مناخ التجارة والاستثمار الدوليين والسعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف.
كما ستلعب مصر دوراً أكبر في المنطقة نتيجة عضويتها في مجموعة البريكس، مما يفيدها على كافة الأصعدة وفي مجموعة متنوعة من الملفات والاهتمامات بما في ذلك قضية المياه ومعضلة سد النهضة.
ويتمتع الجزء الأكبر من أعضاء الكتلة، وخاصة الصين وروسيا وجنوب أفريقيا، بالتأثير على عمليات صنع القرار في إثيوبيا ولديهم القدرة على ممارسة الضغط الذي يمكن أن يقنع أديس أبابا بأن تكون أكثر مرونة في موقفها أثناء التفاوض مع مصر والسودان لوضع حد للوضع في إثيوبيا.
ومن خلال تنويع اقتصاداتها وزيادة الانفتاح وتعزيز التعاون الأقوى على جميع المستويات، قد تتمكن الدول الأعضاء في مجموعة البريكس من دعم اقتصاداتها وجني أعظم الفوائد نتيجة لنمو المنظمة وتعزيز هيكلها.