
تشهد أسواق السندات العالمية زيادة في حيوية عمليات البيع، مما أدى إلى ارتفاع العائدات إلى مستويات لم تشهدها منذ فترة طويلة. يُتوقع أن يكون هذا نتيجة لتوقع المتداولين لفترة مستقبلية من السياسة النقدية المشددة.
سجلت زيادة في العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً بنسبة 5% اليوم الأربعاء، وهو أمر لم يحدث منذ عام 2007. وفي الوقت نفسه، ارتفع سعر الفائدة القياسي الألماني لآجل 10 سنوات إلى 3%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2011. في اليابان، قفزت مقايضات الفائدة لأجل 10 سنوات إلى 1%، وهو أيضاً أمر غير مسبوق منذ يناير.

وطالب المستثمرون بتحقيق عائدات أعلى من أي وقت مضى للاحتفاظ بالديون طويلة الأجل، وذلك بعدما أعلنت البنوك المركزية الكبرى عدم احتمالية خفض السياسة النقدية في المستقبل القريب. تأثرت الأوراق المالية ذات الأجل الطويل بالمخاوف المتعلقة بتزايد إصدارات سندات الخزانة لتمويل العجز الموجود في الميزانية.
صاغ الخبير الاستراتيجي في بنك “HSBC Holdings Plc”، ستيفن ميجور، في مذكرة للعملاء أن العائدات الأميركية تعتبر مزعجة للمناطق والقطاعات الأخرى لأدوات الدخل الثابت العالمية، إذ يشهدون ارتفاعاً في مستوياتها لهذا العام.
امتدت التقلبات إلى سوق الأسهم وسوق سندات الشركات، إذ توقفت بعض الشركات عن إصدار سنداتها في يوم الثلاثاء نظراً لارتفاع عوائد الأسهم القيادية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2023 عند 6.15%. كما شهد أكبر صندوق استثمار متداول للسندات من الدرجة المضاربة أكبر انخفاض لمدة يومين هذا العام.
جيمس ويلسون، مدير الأموال في شركة “جاميسون كوت” في ملبورن، أعرب عن قلقه إزاء التحركات الحالية في سوق الأصول. وقد أشار إلى أن هناك إضراباً في الطلب حالياً وأن لا أحد يفضل مواجهة ارتفاع العوائد، على الرغم من ارتفاع مستويات البيع.
على خلفية توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يزيد أسعار الفائدة بشكل سريع، ارتفعت خسائر السندات بشكل مفاجئ يوم الثلاثاء. وقد تقوّضت تكهنات بنهاية رفع أسعار الفائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي بفضل ارتفاع غير متوقع في فرص العمل. وبعد هذا التطور، أصبحت علاوة الأجل على الأوراق المالية الأميركية لأجل 10 سنوات إيجابية مجدداً لأول مرة منذ يونيو 2021.
تسجيل مستويات خسائر متزايدة، حيث هبطت قيمة السندات العالمية بنسبة 3.5% منذ بداية العام. وفي نفس الوقت، شهد مؤشر “BofA MOVE” لتقلبات سندات الخزانة ارتفاعاً كبيراً ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر مايو يوم الثلاثاء. وانخفض متوسط سعر سندات الخزانة الأميركية في مؤشر بلومبرغ إلى 85.5 سنتاً للدولار، وهو نصف سنت فوق المستوى القياسي المنخفض الذي تم تحقيقه في عام 1981.
صعدت العائدات الأوروبية مع العائدات الأميركية خلال الفترة الماضية. وذلك بعدما وصل ارتباط مقياس بلومبرغ للأوراق المالية العالمية ومؤشر سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوياتهما منذ مارس 2020.
أوضحت ألثيا سبينوزي، التي تعمل كبيرة استراتيجيي الدخل الثابت في ساكسو بنك، أن هناك ارتباطاً قوياً بين الخزانة الأميركية والصناديق السيادية الأوروبية. وعندما يحدث زيادة في عائدات الولايات المتحدة، فإنها تتسبب في زيادة عائدات السندات السيادية الأوروبية، حتى وإن كانت أوروبا تعاني من ركود اقتصادي.
تشهد بعض سندات الأسواق الناشئة في آسيا زيادة في العائدات. وقد وصل المؤشر الإندونيسي إلى مستويات لم تتم ملاحظتها منذ شهر نوفمبر.
وفي مذكرة لمحللين اقتصاديين، بما فيهم مين داي، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لآسيا في مورغان ستانلي، أشاروا إلى أن المستثمرين في الأسواق الناشئة يعانون من تجارة مؤلمة على المدى الطويل. وأكدوا أن هذا الوضع يزيد من ضعف السوق، وخاصة في حال استمرار ارتفاع أسعار سندات الخزانة الأميركية.
لا تزال نهاية سوق سندات الخزانة ذات مدة 52 أسبوعاً جاذبة للبعض، حيث حققت عملية بيع واسعة يوم الثلاثاء طلباً قياسياً من غير المتعاملين. وقد تمكّن المستثمرون من ضمان عائد يفوق 5% للعام المقبل.
وفقاً لويلسون من جاميسون كوت، يتوقع أن تستمر مستويات العائد الحالية في تشعب رأس المال بعيداً عن الأصول الأكثر خطورة. وهذا يعني أن المستثمرين لن يضطروا للمخاطرة بشكل كبير لكي يتحققوا من عوائد مجزية.
بينما نمر بتلك الفترة، ازدادت العائدات الحقيقية إلى أعلى مستوياتها منذ فترة طويلة، إذ ارتفع العائد المتوقع لمدة عشر سنوات في الولايات المتحدة إلى ما يزيد عن 2.4%، وهو المستوى الذي لم يتم ملاحظته منذ عام 2007 قبل تحقيق الأسهم الأميركية لأعلى مستوى لها.
أشارت إيمي شيه باتريك، رئيسة استراتيجيات الدخل في مجموعة بيندال في سيدني، إلى أن الارتفاع الحاد في العائدات الحقيقية يؤدي دائماً إلى تراجع تصنيف سوق الأسهم. كما أوضحت أن الاستثمار في النقد يعتبر الخيار الأفضل للتحصين والحماية.