الاقتصاد في مصر يواجه ضغوطاً كبيرة جراء الحرب في غزة
يواجه الاقتصاد المصري المتعثر مخاطر جديدة حيث تهدد الحرب في قطاع غزة المجاور بتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي.
وتحولت دول الخليج الغنية بالنفط، التي دعمت المالية العامة لمصر مراراً وتكراراً بالودائع على مدى العقد الماضي، في الآونة الأخيرة إلى البحث عن استثمارات مربحة بدلا من ذلك، ويقول المحللون والمصرفيون إنهم الآن قد يزيدون مساعداتهم مرة أخرى.
تأتي حرب غزة على الحدود مع شبه جزيرة سيناء المصرية بعد أن كشف تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا ووباء فيروس كورونا عن نقاط ضعف طويلة الأمد في الاقتصاد المصري.
واعتمدت مصر بشكل كبير على تدفقات استثمارات الحافظة قصيرة الأجل وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين لتغطية العجز التجاري المزمن جزئياً، مما جعلها عرضة للصدمات.
وقالت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية في بنك أبوظبي التجاري ومقره أبو ظبي “المعنويات الأجنبية تجاه مصر ضعيفة للغاية والآن مع حدوث ذلك فهذا آخر شيء تحتاجه مصر،
(أزمة ثالثة)”.
وبعد أن أدت موجة الاقتراض إلى مضاعفة الديون الخارجية أربع مرات، تحتاج مصر إلى أكثر من 28 مليار دولار لسداد أقساطها في عام 2024 وحده. ويقول مصرفيون إن نقص العملة الأجنبية أدى إلى تراكم واردات بقيمة خمسة مليار دولار عالقة في الموانئ، ومشاكل أمام الشركات الأجنبية في إعادة أرباحها إلى الوطن.
وتم تأجيل المدفوعات الحكومية لبعض واردات القمح ولشركات النفط والغاز الأجنبية.
وخرج برنامج لصندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليار دولار عن مساره بسبب إحجام مصر عن تعويم عملتها والتأخير في مبيعات أصول الدولة، وخفضت وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية التصنيف السيادي لمصر إلى مستوى عالي المخاطر.
تراجع السياحة في مصر
وقال معتز صدقي من شركة ترافكو هوليدايز مصر، وهي شركة كبيرة لإدارة الفنادق والمنتجعات، إنه قبل أزمة غزة، كان قطاع السياحة نقطة مضيئة نادرة ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 30-40% هذا العام.
وحققت السياحة لمصر رقماً قياسياً بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو 2023، ارتفاعاً من 10.75 مليار دولار في العام السابق، وفقاً لبيانات البنك المركزي.
حتى الآن، أثرت حرب غزة على الوجهات الشعبية في سيناء مثل طابا ونويبع ودهب وشرم الشيخ، لكنها تركت بقية البلاد سالمة نسبياً.
وقال صدقي إن صافي عمليات الإلغاء على مستوى البلاد منذ 7 أكتوبر تراوح بين 10 و12% حتى نهاية أبريل، على الرغم من أن إشغال الفنادق في أكتوبر زاد بنسبة 8% مقارنة بأكتوبر 2022.
وأضاف أن “الشتاء يبدو جيداً حتى الآن، ولم تتأثر السياحة الثقافية بشكل حقيقي، السفن السياحية النيلية بين الأقصر وأسوان خلال فترات الذروة، وهي عيد الميلاد ورأس السنة، تعمل بنسبة 80-90% بشكل عام”.
وقال وزير السياحة المصري لرويترز هذا الأسبوع إنه تم احتواء تأثير الحرب في أقل من 10% من الحجوزات.
وصرح كريم المنباوي رئيس شركة إيميكو ترافيل، وهي شركة سياحية في وسط القاهرة، إن التوقعات لا تزال بعيدة عن أن تكون صحية قائلاً:
“الحجوزات بطيئة للغاية وهذا هو الأمر الأكثر إثارة للقلق”.
اضطرابات الغاز في مصر
هناك استنزاف آخر محتمل للعملة الأجنبية وهو انقطاع واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل والتي تعتمد عليها مصر في الاستهلاك المحلي وإعادة التصدير المربحة.
وعلقت إسرائيل الإنتاج في حقل غاز تمار في 9 أكتوبر، وانخفض الغاز المرسل إلى مصر في وقت ما إلى الصفر، على الرغم من استئناف تدفق كميات صغيرة.
وقال مصدران في الصناعة إن إمدادات الغاز لبعض الصناعات كثيفة الاستخدام للغاز مثل الأسمدة انخفضت.
وقال سياماك أديبي المستشار الرئيسي ورئيس فريق الغاز بالشرق الأوسط في شركة FGE، إنه قبل الصراع كانت مصر تستورد 860 مليون قدم مكعب يومياً من إسرائيل أو حوالي 15% من إمداداتها.
تضاءلت الآن آمال مصر في زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، بعد أن قطعتها بالكامل في الفترة من مايو إلى سبتمبر مع قيام الحكومة بتنفيذ انقطاعات متكررة للكهرباء.
وقال أولوميد أجايي كبير محللي الغاز الطبيعي المسال في LSEG، إن مصر استوردت شحنة من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يؤكد الخلل الحالي في توازن الغاز في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
المساعدات الخليجية لدولة مصر
وفي ضوء غزة وخطر انتشار الاضطرابات الإقليمية، قال محللون ومصرفيون إن دول الخليج تعيد تقييم إحجامها على مدى العامين الماضيين عن دعم الاقتصاد المصري.
وقال مالك: “شعرت بتغير في المشاعر في الخليج لأنه قبل غزة لم يكن هناك سوى القليل من الصبر تجاه مصر”.
ولدى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ودائع إجمالية تبلغ 29.9 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري، وأقرضت 16 مليار دولار أخرى في أشكال أخرى من الائتمان.
وقال مصرفيان مقيمان في القاهرة إن لديهما تقارير تفيد بأن دول الخليج تناقش حزمة إنقاذ مالي محتملة تشمل المزيد من الودائع النقدية ودعم العملة المصرية بعد أي تخفيض لقيمة العملة.
وذكرت تقارير غير مؤكدة في وسائل الإعلام المصرية الشهر الماضي أن دول الخليج تجري محادثات لإيداع 5 مليار دولار أخرى، ورفض متحدث باسم مجلس الوزراء المصري التعليق على أي دعم محتمل من الخليج، ولم يرد المسؤولون السعوديون والإماراتيون على الفور على الاستفسارات.